السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
نظرية النسبية لإينشتاين و إمكانية السفر عبر الزمن
اعتمادا على نظرية النسبية أصبح السفر إلى المستقبل نظريا أمر ممكن جدا, و يمكن تصور تصميما لآلة الزمن ,فالزمن قابل للتمدد و التقلص بفعل السرعة و الجاذبية,و هو مثل سائر المقادير المميزة للأجسام مثل الطول و الحجم و الوزن و غيرها التي لها قابلية للتمدد و التقلص بفعل عدة عوامل كالحرارة و الضغط و الجاذبية و الإرتفاع
-أما السفر إلى الماضي هو قيد الدراسة و لا يزال يطرح العديد من الإشكاليات
-تعرف أيضا كيفية الإنتقال الآني من مكان إلى مكان آخر, و الإنتقال إلى الزمن الآخَر أو الكون الآخَر
و قبل أن ندخل في التفاصيل علينا أن نتعرف أكثر على نظرية النسبية لإينشتاين
النسبية
عرف العالم تحولا كبيرا بعدما وضع العالم الألماني ألبيرت إينشتاين نظريته النسبية الخاصة سنة 1904 و النسبية العامة سنة 1916 و قد غير نظرة الإنسان إلى مفهوم نظرية الميكانيك الكلاسيكية و فتحت عصرا جديدا أطلق عليه العصر الذري, و على الرغم من غرابة النظرية عند بعض العلماء الذين حاولوا إبطال صحتها , فقد كانت كل التجارب التي قاموا بها تؤكد صحة النظرية ودقتها كما أنها و جدت تفسيرا لعدة ظواهر كونية عجز العلماء عن تفسيرها , و هي معمول بها إلى حد الساعة و هي شمولية و تطبق على جميع الأجسام في الكون
أثبتت النظرية أننا نعيش في عالم رباعي الأبعاد, و أن البعد الرابع هو الزمن
بعد الطول(x), بعد العرض(y), و بعد الإرتفاع(z) , و البعد الغير المرئي و هو بعد الزمن(t)
و كل جسم في الكون يخضع لهذه الأبعاد الأربعة
أمثلة عن النسبية
-إذا كان شخص ما داخل حافلة تتحرك بسرعة منتظمة فإن هذا الشخص يرى كل ما بداخل الحافلة جامد لا يتحرك بالنسبة له , بينما شخص خارج الحافلة يرى الحافلة و كل ما بداخلها يتحرك , فالحركة هي إذن نسبية
-شخص ما على سطح الأرض يرى جبلا , يراه جامدا لا يتحرك . فهل هو حقا جامد لا يتحرك ؟
في الواقع الجبل هو دائم الحركة حسب دوران الأرض حول محورها, و لكن بالنسبة لأي شخص على سطح الأرض يرى الجبل جامد لا يتحرك لأنه يعتبر سطح الأرض مرجعا لجميع الحركات
يقول الله تعالى:
(و ترى الجبال تحسبها جامدة و هي تمر مر السحاب صنع الله الذي أتقن كل شيء إنه خبير بما تفعلون)
- العبارات: فوق , تحت , يمين , يسار هي نسبية و ليست مطلقة لأن اليمين أو فوق بالنسبة لشخص هي اليسار أو تحت بالنسبة لشخص آخر
(أنظر الصورة جيدا و حدد أين الأعلى و أين الأسفل و أين اليمين و أين اليسار)
الوحدات العالمية المستعملة لقياس الطول و المساحة و الكتلة و الحجم و الزمن
كلها نسبية و نعتبر سطح الأرض كمرجع لها , و يمكن لأي جسم أن تتغير فيه هذه المقادير المميزة له حسب المكان و السرعة و ما تخضع له هذه الأجسام من مؤثرات مثل الجاذبية و الحرارة و الضغط إلى آخره..
فمثلا الطول يزيد بفعل الحرارة و ينقص بفعل السرعة و الجاذبية
الحجم يزيد بفعل الحرارة و ينقص بفعل الضغط
الوزن يزيد أو ينقص حسب الإرتفاع عن سطح الأرض
و كذلك الزمن يزيد أو ينقص حسب السرعة و الجاذبية
السرعة و الزمن
حسب نظرية ألبيرت إنشتاين فإن أي جسم كلما زادت سرعته تباطأ زمنه و انكمش طوله و زادت كتلته في اتجاه سرعته
مثلا إذا كان شخص ما داخل مركبة تسير بسرعة كبيرة جدا تقترب من سرعة الضوء فإن ساعة هذا الشخص و ساعته البيولوجية الداخلية التي تشعره بالوقت و جميع خلاياه و جميع الأجهزة تتحرك ببطء شديد أقل من تلك التي تكون وهي في حالة سكون
على سبيل المثال : إذا كانت ساعة هذا الشخص دارت دورة واحدة فإن ساعة الشخص الساكن تكون قد دارت دورتان أو ثلاث أو أكثر , أما إذا قضى هذا الشخص مدة سنة و هو يسير في المركبة , فعندما يتوقف يجد أنه قد مضى عدة سنوات دون أن يشعر بذلك
- أما إذا أصبح هذا الشخص يسير بسرعة الضوء تماما فإن زمنه يتوقف
ولكن نظرية النسبية تأكد بأنه لا يمكن لأي جسم أن تصل سرعته إلى سرعة الضوء
و قد أكدت التجارب أن الضوء نفسه لا يمكن أن تزيد سرعته و هي أكبر سرعة مسجلة حتى الآن, و لكن يقول بعض العلماء أنه يمكن لأي جسم أن ينتقل في لحظات جد وجيزة, بل آنيا ,إلى أبعد مكان ممكن من دون الحاجة إلى السرعة, ويكون ذلك عبر ثقب يسمى الثقب الدودي
و الجاذبية الشديدة لها نفس تأثير السرعة على الزمن, فإذا قمنا بمقارنة جسمين أحدهما يوجد على سطح كوكب زحل الذي يتميز بجاذبيته الشديدة و الآخر يوجد على سطح الأرض فإن زمن الجسم على سطح كوكب زحل يسير ببطء بالنسبة للجسم على سطح الأرض , أما إذا بلغت الجاذبية حد الثقب الأسود فإن زمن الجسم يتوقف
الثقب الأسود
عندما ينفذ الوقود النووي لنجم كبير الحجم و الطاقة بالنسبة للشمس , يكون هذا النجم قد وصل إلى نهايته , و يبدأ حينها في الإنهيار مشكلا جاذبية شديدة جدا تمتد إلى أبعد نقطة في الكون, تقوم بجذب كل ما حولها, حتى الضوء لا يسلم من جاذبيته , فتشكل منطقة مظلمة على شكل ثقب و هو ما يسمى بالثقب الأسود
يأخذ الثقب الأسود شكل مخروط واسع من الأعلى و يضيق جداً من الأسفل حتى يصل الى نقطة في مركزه. يعتقد العديد من الفيزيائيين أن دخول جسم معين في هذه النقطة سيمكنه من النفاذ منها إلى الجانبٍ آخر قد يكون زمناً آخر أو كوناً آخر يسميه العلماء الكون الموازي
Parallel Universe.
الثقب الدودي Wormhole
هي ممرات افتراضية تنشأ في حالات استثنائية أو بفعل الثقوب السوداء و يعتقد بعض العلماء أن الثقب الدودي يٌمكّن لأي جسم يمر فيه الانتقال إلى أبعد المجرات التي تبعد بملايين السنين الضوئية في لحظات جد وجيزة أو أنه يمكن من خلاله الإنتقال إلى زمن أو كون آخر
السفر إلى المستقبل
السفر إلى المستقبل نظريا هو ممكن جدا , و لكنه سفر غير رجعي ( لا يمكن للمسافر أن يعود إلى الزمن حيث كان في الأول) فالأصح أن نقول الهجرة إلى المستقبل , فاعتمادا على نظرية النسبية لألبرت إنشتاين فإنه يمكن صنع آلة تكون سرعتها كبيرة جدا تقترب من سرعة الضوء تقوم بتوقيف زمن شخص ما أو جعل زمنه يتحرك ببطء شديد , فعندما تتوقف الآلة يجد هذا الشخص نفسه في المستقبل.
و لكن كل ما يحصل لهذا الشخص هو أنه قد تجمد زمنه
فمثلا إذا اعتبرنا طفلان عمرهما 10 سنوات
نقوم بتوقيف زمن أحد الطفلين مدة 10 سنوات بجعله يتحرك بسرعة الضوء تقريبا
و بعد مضي 10 سنوات يجد هذا الطفل نفسه في المستقبل في لحظات وجيزة و يجد أن الطفل الآخر قد أصبح عمره 20 سنة بينما هما في الحقيقة لهما نفس العمر.
و هذا يشبه ما حصل لأهل الكهف, يقول الله تبارك و تعالى:
(" قال قائل منهم كم لبثتم قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم قالوا ربكم أعلم بما لبثتم........ و لبثوا في كهفهم ثلاث مائة سنين و ازدادوا تسعا ")
صدق الله العظيم
و لكن الإنسان لا يزال بعيدا عن صنع مثل هذه الآلة, فأسرع طائرة صنعها الإنسان لا تزال سرعتها بعيدة جدا عن سرعة الضوء ,و التأخير الزمني فيها بالنسبة للأرض هو بضعة أجزاء من الثانية فقط
السفر إلى الماضي
هناك نظريات تقول بأن السفر إلى الماضي هو أمر متوقف على إمكانية تجاوز سرعة الضوء
نعلم أنه إذا كان جسما ما يسير بسرعة الضوء فإن زمنه يتوقف, و من المحتمل أن يعود زمنه إلى الوراء إذا تجاوزت سرعته سرعة الضوء, إلا أن التجارب التي قام بها العلماء تأكد أن أقصى سرعة في الكون هي سرعة الضوء و لا يمكن لأي جسم أن يتجاوز سرعة الضوء و لا حتى الضوء نفسه يمكن تسريعه , و يقول بعض الفزيائيين بأنه لو أصبح جسما ما يسير بسرعة الضوء فإن هذا الجسم سيستهلك طاقة جد كبيرة , و قد يتحول إلى طاقة كهرمغناطيسية
و يؤكد بعض العلماء أن الزمن مثل سائر المقادير المميزة للجسم و يمكنه أن يتقلص إلى أن يصبح صفرا (أي ينعدم) و لكنه لا ينزل تحت الصفر ( أي يعود إلى الوراء)
فمثلا الغازات يتقلص حجمها بسبب انخفاض درجة الحرارة إلى أن تنعدم إذا نزلت درجة الحرارة إلى °273- درجة مئوية و تبقى منعدمة إذا انخفضت درجة الحرارة إلى °300- درجة مئوية و لا يمكن أن يصبح حجمها سالبا
العودة الافتراضية إلى الماضي
بغض النظر عن إمكانية تجاوز سرعة الضوء , فلو تمكن أحد من السفر إلى الماضي قبل أن يولد سيجد أن كل الأجزاء المشكلة لجسده لم تكن قد شكلت جسده بعد, فجسد الإنسان مكون من ماء و بروتينات و معادن و تكون كل هذه الأجزاء في الأرض و الجو, فكيف يمكن لشخص أن يوجد و أجزائه لم تتحد لتكون جسده؟ سيكون هذا ممكنا إذا خٌلق من غير شيء, و إذا اعتبرنا أن شخصا قد تمكن فعلا من العودة بزمنه إلى الوراء ليقوم بتصحيح أخطائه فإن عقله وذاكرته كذلك يعودان إلى الزمن حيث كان و لا يدرك أبدا أنه قد عاد بزمنه إلى الوراء و بالتالي سيكرر نفس الأخطاء التي قام بها, و خلاصة القول أن الزمن يأخذ مجرىً واحدا و كوننا في الماضي أو الحاضر أو المستقبل لن يغير شيئا من مجرى الزمن , فإذا كانت العودة إلى الماضي ممكنة فإنها تكون مثل إعادة فِلم إلى الوراء ليتكرر نفس المشهد دائما
المجرمون يوم القيامة يتمنون العودة إلى الدنيا
يقول الله تعالى:
(''ولو ترى إذ وقفوا على النار فقالوا يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل ولو ردوا لعادوا لما نهو عنه وإنهم لكاذبون'')
الله تعالى يشهد أن المجرمين لن يغيروا شقوتهم بعودتهم إلى الماضي و لن يغيروا شيئا من مجرى الزمن و كأن شقوتهم ملازمة لهم منذ ولدوا
فلو عاد المجرمون إلى الدنيا و هم يدركوا أنهم قد عادوا , فمن المستحيل أن يعودوا إلى ما نهوا عنه , إلا أنهم إذا عادوا إلى الدنيا فإنهم لا يدركوا أنهم قد عادوا فعلا أو بالأحرى لا يوقنوا بذلك,و بالتالي يعودون إلى ما كانوا عليه و كأن شيئا لم يكن,فهم ممن استحبوا الضلالة على الهدى,فلو جاءتهم كل آية ما آمنوا بها ، و إذا خرجوا من المآزق والمضايق عادوا إلى ما كانوا عليه
وشكرا على تطلعكم , دمتم في أمان الله و حفظه