تجتمعُ عدَّةُ دولٍ يومي السبتِ والأحدِ السابعِ والثامنِ من شهرِ ذي القعدةِ عامَ 1428 في مدينةِ الرياضِ بالمملكةِ العربيةِ السعوديةِ- حرسها الله - في لقاءِ قمَّةِ الدولِ المنتجةِ للنَّفطِ الأعضاءِ في منظمةِ "أوبك"؛ وهذه القمةُ عالميةٌ بكلِّ المقاييسِ نظراً لأهميةِ النَّفطِ لجميعِ دولِ وشعوبِ العالم. وقدْ قطعتْ هذه القمةُ إجازاتِ عددٍ كبيرٍ من الساسةِ والاقتصاديين والإعلاميين ورجالِ الأعمالِ في طولِ العالمِ وعرضهِ لتصرفَ أنظارَهم صوبَ قلبِ جزيرةِ العربِ ومنبعِ الإسلام؛ كما أنَّها منعتْ بعضَ هؤلاءِ منْ قضاءِ الإجازةِ معَ أهليهم أوْ استغلالها في تغييبِ العقلِ بالخمورِ والمخدرات.
وليَ معَ هذا الحدثِ الكبيرِ وقفاتٌ ليستْ اقتصاديةً ولا سياسيةً إنَّما حضاريةٌ أردتُ بَثَّها عسى أنْ يكونَ منها نفعٌ أوْ يقظةٌ على صعيدِ الأفرادِ قبلَ غيرِهم؛ فبيقظةِ الأفرادِ تستيقظُ الأممُ وتزدهرُ الحضارات.
الوقفةُ الأولى: لقدْ أعدنَا ترتيبَ نظامِ العالمِ في هذا الأسبوعِ حسبَ نظامِنا وأيامِنا حينَ استغلينا المكانةَ الكبيرةَ للمادةِ المستودعةِ في أرضنِا المباركة؛ ولعلَّها أنْ تكونَ بدايةً لاستغلالٍ دائمٍ يعودُ على اقتصادِنا وحضارتِنا بخيرٍ عظيم.
الوقفةُ الثانية: لو استغلتْ كلُّ دولةٍ إسلاميةٍ ثرواتِها أو موقعَها لصالحِ شعبِها وأمتِّها لكانَ من ذلكَ أبوابُ خيرٍ على الدولِ والشعوبِ في غيرِ ما مجال.
الوقفةُ الثالثة: الدولُ الإسلاميةُ غنيةٌ بالثرواتِ وذاتُ امتدادٍ واسعٍ وتعدادٍ سكاني ضخمٍ ومواقعُها إستراتيجيةٌ لا تكادُ أنْ تستغنيَ عنها دولُ العالمِ في أعمالها المدنيةِ والعسكريةِ التي يجبُ أنْ لا تضرُّ المسلمينَ إنْ لمْ تنفعهم.
ومن الحكمةِ أنْ يُحسنَ المسلمون استثمارَ هذه الخصائصِ على مستوى الدولِ والمنظماتِ والجمعياتِ؛ ومنْ سُبلِ الاستغلال:
1. صنعُ مكانةٍ مميزةٍ لدولِ العالمِ المسلم على الخارطةِ العالمية.
2. فرضُ شروطِنا على الآخرين كلياً أوْ جزئياً ورفضُ شروطِهم المجحفة.
3. منعُ الإملاءاتِ الخارجيةِ على العالم الإسلامي.
4. معاملةُ الدولِ الكبارِ بندٍّيةٍ لا كضعيفٍ يستجدي.
5. استخدامُ اللغةِ العربيةِ كلغةٍ أساسيةٍ في المؤتمراتِ واللقاءاتِ الرسميةِ ومواقعِ الانترنت للمنظماتِ العالميةِ وكذلك التأريخُ بالتقويمِ الهجري.
ولهذه المسالكِ الحميدةِ ثمارٌ منها:
1. إيقاظُ المرجفين والمتخاذلين الذينَ ظنَّوا أنَّ أمتَهم مرتهنةٌ بالضعف.
2. تخويفُ المتربصين بالأمةِ.
3. الانتقالُ من مرحلةِ القراراتِ الورقيةِ والتشنجاتِ الصوتيةِ إلى العملِ المثمرِ الواقعي.
4. خطوةٌ جادةٌ نحوَ الوحدةِ الإسلامية.
إنَّ العالمَ الإسلاميَ يتميزُ بوحدةٍ دينيةٍ ولغويةٍ وتاريخيةٍ وبعاطفةٍ شعبيةٍ متدفقةٍ تجاهَ الإسلامِ والقرآنِ العزيزِ والنبي الكريمِ- صلى الله عليه وسلم- والكعبةِ المشرفة؛ وإنَّ ربطَ هذه الوحدة معَ تلكَ الثرواتِ والمقوماتِ سيجعلُ عالمنا أكثرُ استعداداً للنهوضِ ونفضِ غبارِ الذلِّ وتراكماتِ الضياعِ والاستعباد. ولابدَّ لهذا العالمِ الكبيرِ منْ تخطيطٍ واعٍ ومدركٍ لأبعادِ اللعبةِ السياسيةِ ولمتطلباتِ الاستعلاءِ الحضاري حتى تبقى أمتنا شامخةً وهويتنا ثابتةً وكلمتنا مرفوعةً تعلو بها كلمةُ الله والحقُ الذي قبلناه وارتضيناه وإلاَّ صرِنا كالمنُبَتِ الذي أجهدَ نفسَه وراحلتَه ثمَّ لمْ يقطعْ أرضاً ولمْ يبقِ ظهراً