منزلة الشِّعر
قال أحمد لأبيه حين فرغا من طعام العشاء :
- لقد التبس علي الأمر فيما يتعلق بالشعر ، فمن الناس من يمدحه ، ومنهم من يذمه ويُعرض عنه إعراضاً شديداً
رد الوالد قائلاً :
- يا بني ، كان عبدالله بن عباس رضي الله عنهما يقول :
( إذا قرأتم شيئاً من كتاب الله فلم تعرفوه ،فاطلبوه في أشعار العرب ، فالشعر ديوان العرب ) .
والشيء الطريف أن ابن عباس كان إذا سأله أحد عن شيء من القرآن لم يعرفه ، أنشد فيه شعراً .
وهنا قال أحمد :
- ولكن الله تعالى دمَّ الشَّعر والشعراء في القرآن الكريم فقال :
( والشعراء يتبعهم الغاوون ، ألم تر أنهم في كل واد يهيمون ، وأنهم يقولون مالا تفعلون ) .
وهنا اعتدل والد أحمد في جلسته قائلاً :
- احتجاجك بهذا النص غلط ، لأن المقصودين به شعراء المشركين الذين هجوا الرسول صلى الله عليه وسلم وآذوه ، فأما الشعراء المؤمنون فغير داخلين في ذلك . ألا ترى أن الله عز وجل استثناهم فقال :
(إلا الذين أمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيراً وانتصروا من بعد ما ظُلموا ) .
- يريد سبحانه وتعالى شعراء النبي ( صلى الله عليه وسلم ) كحسان بن ثابت ، وكعب بن مالك ، وعبدالله بن رواحة ، وقد قال النبي ( صلى الله عليه وسلم ) فيهم :
( هؤلاء النفر أشد على قريش من نضح النبل ) .
أي من الرمي بها ، وقال لحسان بن ثابت :
( اهجهم – أي اهج قريشاً – وجبريل معك وروح القدس معك ) .
وكفى بالشعر منزلة عند العرب أن عائشة رضي الله عنها كانت تروي شعر لبيد كله .
وأخيراً : رُبَّ بيت واحد من الشعر كان سبباً في نجاة قائله ، أو إخراجه من الحبس أو في حصوله على المال ، ورُبَّ بيت واحد من الشعر وجبت لقائله الجنة يتبوأ منها ما يشاء
م ن ق و ل